حراس السيارات بالمغرب: مهنة فوضوية إلى متى؟
بقلم حفيظ ينعمر
تنتشر ظاهرة حراس السيارات في مختلف شوارع وأحياء المدن المغربية، حتى أصبحت جزءًا من المشهد الحضري اليومي. لا يكاد يمر يوم دون أن يصادف المواطن المغربي شخصًا يرتدي سترة فسفورية، يمسك عصا، ويطالب بثمن الحراسة بمجرد أن يركن السائق سيارته، سواء أراد أم لا. هذه المهنة، التي لا تحكمها ضوابط قانونية واضحة في كثير من الأحيان، تحوّلت إلى مصدر إزعاج حقيقي للسكان والسياح على حد سواء.
بين الحاجة والابتزاز
في الأصل، ظهرت هذه المهنة كرد فعل طبيعي على ضعف البنية التحتية المرتبطة بمواقف السيارات، وكمصدر دخل لفئات معطّلة عن العمل. إلا أن الأمر لم يلبث أن تحوّل إلى فوضى عارمة. أصبح بعض حراس السيارات يفرضون إتاوات، يتعاملون بعنف لفظي، ولا يتورعون عن تهديد السائقين في حال الامتناع عن الدفع، حتى لو لم يقدموا أي خدمة حقيقية.
غياب التنظيم القانوني
على الرغم من بعض المحاولات لتنظيم القطاع عبر الترخيص وتحديد الشروط، إلا أن الواقع يؤكد أن أغلب الحراس يشتغلون بشكل عشوائي، دون تكوين أو مراقبة، ودون احترام لحقوق المواطنين أو سلامتهم. بل إن الأمر يصل أحيانًا إلى احتلال الملك العمومي دون وجه حق، وتحويل الفضاءات العامة إلى مشاريع شخصية غير مرخصة.
المغرب وتحدي التظاهرات العالمية
مع اقتراب تنظيم المغرب لعدة تظاهرات عالمية، من بينها كأس إفريقيا للأمم 2025 ومونديال 2030، تبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى معالجة هذه الظاهرة. لا يمكن تصور بلد يستقبل ملايين الزوار من مختلف الجنسيات، وهو عاجز عن تنظيم مواقف السيارات في مدنه الكبرى. استمرار هذا المشهد يشكل تهديدًا لصورة المغرب كسياحي واستثماري حديث.
الحل في التخطيط الحضري والتقنين
القضاء على هذه الظاهرة لا يعني محاربة من يشتغلون فيها لأسباب اجتماعية، بل يعني دمجهم في مشاريع مؤطرة قانونيًا، سواء عن طريق خلق شركات للحراسة، أو إدماجهم في برامج للتشغيل المؤطر. كما يجب على الجماعات المحلية الاستثمار في مواقف السيارات الذكية، وتطبيق نظام الأداء الرقمي، وتقوية المراقبة على الملك العمومي.
انتهاء مهنة “حراس السيارات العشوائيين” في المغرب ليس مستحيلاً، بل هو ضرورة تفرضها التحولات الاجتماعية، والرهانات الاقتصادية، والطموحات الكبرى لبلد يسعى ليكون في مصاف الدول المنظمة والحديثة. المطلوب فقط هو إرادة سياسية واضحة، وتنسيق فعّال بين الجماعات، الأمن، والقطاع الخاص.