فوز الرئيس السيسي بالعهدة الثالثة يخدم الارتقاء بعلاقات القاهرة والرباط
حافظ عبد الفتاح السيسي على ولاية جديدة في كرسي الرئاسة المصري، بعد تفوق واضح على أقرب منافسيه في الانتخابات بنسبة فاقت 80 في المائة؛ وهي مناسبة تسلط الضوء على مستقبل العلاقات بين القاهرة والرباط.
في سنتي 2016 و2015، تبادل الرئيس المصري وملك المغرب دعوات الزيارة؛ ما قطع تكهنات حول وجود فتور في العلاقات بين البلدين منذ أحداث الربيع العربي، وحديث إعلامي طويل عن وجود دعم خفي للقاهرة لتنظيم جبهة البوليساريو من خلال التنسيق مع الجزائر.
لكن هاته الزيارات لم تتم إلى حدود الساعة، في وقت استمرت فيه القاهرة في إرسال إشارات مطمئنة حول المغرب، من خلال تشديد وزير خارجيتها، سنة 2022، على موقف مصر الداعم للوحدة الترابية للمملكة.
هذا الموقف غطى على غياب زيارات رسمية بين قائدي البلدين، كما استمر التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية، وتعزيز دور الدبلوماسية الرياضية خاصة على مستوى العمق الإفريقي، وتأكيد السيسي في رسائله البروتوكولية للعاهل المغربي على وحدة البلدين.
التأكيد المصري على وحدة التراب المغربي قابله تشديد الرباط على دعم الأمن المائي للقاهرة في ملف “سد النهضة”، رافضا بذلك “القرارات الأحادية”، مع ضرورة الحوار بين الأطراف من أجل التوصل إلى اتفاق قانوني.
هاته المواقف القوية من البلدين بدأت تدخلها شكوك “سحابات رمادية”، بعد حضور وفد من جبهة البوليساريو في مراقبة الانتخابات والمشاركة في تدريبات عسكرية مع الجبهة برعاية جزائرية.
حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لا يرى أي تغير في موقف مصر من قضية الصحراء، قائلا: “القاهرة كانت ولا تزال من الداعمين للوحدة الترابية للمغرب”.
وأضاف سلامة لهسبريس أن “العلاقات بين مصر والمغرب لها خصوصية مميزة، حيث تمتد تاريخيا، على وقع صور التعاون المشترك، سواء على المستوى الاقتصادي أو الدبلوماسي أو الثقافي”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “القرارات بين البلدين متقاربة التوجه، وترقى إلى رؤية حكيمة بين البلدين في الأزمات الدولية والإقليمية؛ ما يؤكد عزم الطرفين على تقوية هذا التعاون حتى يرتقي التعاون إلى مستويات استراتيجية، ما يفتح آفاقا متنوعة”.
ولفت أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن “البلديْن مدعوان إلى تعزيز التنسيق المشترك، خاصة في العمق الإفريقي وما يشهده من فرص اقتصادية جد مهمة”.
من جانبه، قال محمد نشطاوي، خبير في العلاقات الدولية، إن العلاقات بين البلدين عرفت “فتورا واضحا” في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لكن هاته المرة من الممكن أن يتغير الوضع.
وأضاف نشطاوي، في تصريح لهسبريس، أن “السنوات الماضية عرفت العلاقات نوعا الشكوك بسبب طبيعة النظام الذي جاء في مصر بعد الانقلاب العسكري، بالإضافة إلى تناقض في رغباته في علاقته مع الرباط؛ فمرة يريد تطوير الشراكة، ومرة نجده يجلس بقرب الجبهة الانفصالية”.
واعتبر المتحدث ذاته أن هنالك دعما ظاهرا نوعا ما من قبل نظام السيسي لجبهة البوليساريو؛ من خلال التدريبات العسكرية، وإرسال وفود إعلامية إلى مخيمات تندوف، وعدم الامتناع عن حضور اجتماعات رسمية في إفريقيا يكون فيها الطرف الانفصالي حاضرا”.
وتابع نشطاوي: “طبيعة النظام في مصر، الذي يحاول من جهة التقارب مع الجزائر باعتبارهما تجسيدا للحكم العسكري ومن جهة إرسال رسائل مطمئنة إلى المغرب، تفسر بشكل واضح سيرورة الأحداث التي جرت”، مستدركا أن “التطورات الحاصلة يمكن أن تدفع السيسي إلى تغيير نظرته إلى العلاقات مع الرباط، مع استحضار الفرص الممكنة خاصة على المستوى الاقتصادي”.
وشدد الخبير في العلاقات الدولية على أن “هاته العهدة الجديدة فرصة للسيسي من أجل استغلال الإشارات التي توجد بين البلدين للدخول في شراكة استراتيجية قد تعود بالنفع على مصر، خاصة في الغرب الإفريقي