مصطفى الخصم… حين يُحاكم الإخلاص وتُغتال الكفاءة
بقلم: الأستاذة أنيسة الوردي
مرة أخرى، تخرج الحقيقة من بين أنقاض الدسائس، وتطفو إلى السطح رائحة المؤامرة على كل من نذر نفسه لخدمة الشأن العام، ومصلحة المواطن، وصوت البسطاء. فها هو القضاء يقرر متابعة السيد مصطفى الخصم، رئيس جماعة إيموزار، في حالة سراح مقابل كفالة مالية قدرها 20 ألف درهم، مع قرار إغلاق الحدود في وجهه، بتهمة ثقيلة عنوانها: “اختلاس وتبديد أموال عمومية”.
تهمة كهذه، حين تُوجَّه لرجل عُرف بنزاهته، وتفانيه، وحرصه على تطوير جماعته، تطرح أكثر من سؤال: هل أصبح العمل الجاد تهمة؟ وهل أصبح من يرفض السير مع التيار عرضة للاغتيال المعنوي؟
مصطفى الخصم، ذلك الاسم الذي لمع بين أبناء جماعته كرمز للاستقامة والعمل، والذي لم يتوانَ يومًا عن رفع مطالب الساكنة، ومواجهة التهميش، والعمل الجاد من أجل تنمية المنطقة، يجد نفسه اليوم في موقف دفاع، لا عن نفسه فقط، بل عن كل من يؤمن أن السياسة يجب أن تكون أداة لخدمة المواطن، لا مطية للامتيازات.
إنَّ ما يحدث اليوم لمصطفى الخصم ليس سوى امتداد لمسلسل قديم يتكرر في هذا الوطن: كلما برز صوت حر، وكلما خطا مسؤول شريف نحو الإصلاح، خرجت السكاكين من الظلال لتنهش سمعته، وتغتال اسمه في وضح النهار.
ما ذنبه؟ أنه قال لا للعبث؟ أنه لم يخضع للولاءات السياسية؟ أم لأنه اختار أن يكون رجل المواطن، لا رجل المصلحة؟
إننا نعيش في زمن غريب، يُحاصر فيه الشرفاء، وتُفتح الأبواب للمتلاعبين، زمن يصبح فيه المخلص متهمًا، ويُرفع فيه الفاسد إلى مراتب التقدير!
ولأننا نؤمن أن الشمس لا تُغطى بغربال، فسنقولها بوضوح: مصطفى الخصم هو الرجل المناسب في المكان المناسب، وتاريخه المشرف يشهد بذلك. أما ملفه القضائي، فسيقول فيه القضاء كلمته، ونحن لنا أن نقول كلمتنا كأبناء هذا الوطن: لا لقتل الكفاءات، لا لمحاكمة الشرفاء، لا لتكميم أفواه من يريدون الخير لوطننا الحبيب.
ختامًا، إذا كان ثمن الإخلاص هو المحاكمات، وثمن الدفاع عن المصلحة العامة هو السجن المعنوي، فليبشر الفاسدون بانتصار مؤقت، لكن شمس الحق لا تغيب، وستنصف الأيام من يعمل من أجلها.