اكتشاف كنز معدني ضخم بالمغرب تفوق قيمته 60 مليار دولار
في خطوة قد تُعيد تشكيل خريطة الثروات المعدنية في شمال إفريقيا، أعلنت شركة Catalyst Metals Inc الكندية عن اكتشاف ضخم في منطقة سيروا التابعة لإقليم ورزازات جنوب المغرب. هذا الاكتشاف الذي يُعد من أبرز التطورات في مجال التعدين، تم ضمن مشروعها الاستكشافي المعروف باسم “أماسّين”.
وبحسب التقديرات الأولية، تشير البيانات إلى أن القيمة السوقية للمعادن المكتشفة تتجاوز 60 مليار دولار، وهو ما يعزز من مكانة المغرب في مقدمة الدول المنتجة للمعادن الحيوية على مستوى العالم.
معادن استراتيجية ذات قيمة عالية
أظهرت عمليات الحفر السطحي التي أجرتها الشركة تركيزات غير مسبوقة من معدن الكروم، الذي وصلت تركيزاته إلى نحو 270 ألف جزء في المليون (ppm) في أقصاها، بينما بلغ المتوسط العام حوالي 10 آلاف جزء في المليون. بالإضافة إلى الكروم، تم رصد تركيزات ملحوظة من النيكل (بمعدل 1481 جزءاً في المليون) والكوبالت (102 جزء في المليون)، وهي معادن حيوية تُستخدم في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة المتجددة، فضلاً عن استخدامها في المجالات الدفاعية المتطورة.
الرئيس التنفيذي لشركة Catalyst Metals، تايلر بوربي، وصف الاكتشاف بـ”الاستثنائي”، مشيراً إلى أن مشروع “أماسّين” أصبح الآن يتمتع بموقع تنافسي على الساحة العالمية، خاصة في ظل التحولات الاقتصادية الحالية التي تشهد زيادة في الطلب على المعادن النادرة، التي تعد ركيزة أساسية للاقتصاد الأخضر.
فرص نمو اقتصادية واعدة
تُظهر المعطيات الجيولوجية أن الموقع يحتوي على حوالي 609 ملايين طن من الصخور الغنية بالمعادن الاستراتيجية الثلاثة، ما يعزز فرص تطوير مشروع تعدين متكامل على المدى الطويل. من المتوقع أن يسهم هذا المشروع في تحفيز التنمية الاقتصادية والبنية التحتية في المنطقة، مما سيعزز من مكانة المغرب كمركز تعدين مهم في المنطقة.
وتخطط الشركة حالياً للانتقال إلى المرحلة الثانية من الحفر، والتي تشمل إنشاء 20 بئراً استكشافياً بعمق إجمالي يبلغ 4000 متر، تمهيداً لإعداد تقرير موارد معدنية وفق المعايير الدولية المعتمدة في قطاع التعدين.
المغرب في قلب التحولات العالمية
يتزامن هذا الاكتشاف مع ما يُعرف بسباق عالمي لتأمين إمدادات مستقرة من المعادن الاستراتيجية، التي تعد أساسية للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والتكنولوجي. ومن المتوقع أن يتضاعف الطلب على الكوبالت والنيكل والكروم بحلول عام 2040، مدفوعاً بزيادة إنتاج السيارات الكهربائية ومشاريع الطاقة المتجددة، وفقاً للمفوضية الأوروبية والبنك الدولي.
وفي تقريرها لعام 2023، حذرت الوكالة الدولية للطاقة (IEA) من أن نقص هذه المعادن قد يُعرقل تحقيق أهداف الحياد الكربوني عالميًا، مما يجعل الاكتشاف المغربي حدثًا ذا أهمية إستراتيجية ليس فقط على المستوى المحلي، بل الدولي أيضًا.
المغرب يعزز موقعه كقوة معدنية
في السنوات الأخيرة، بدأ المغرب في تعزيز دوره كمركز ناشئ للمعادن الحيوية، ويعزز هذا الاكتشاف الجديد مكانة المملكة في سلاسل الإمداد العالمية للمواد الخام. خاصة في ظل سعي الدول الأوروبية لتقليل اعتمادها على الصين في مجال المعادن الحيوية، وتحديداً تلك اللازمة لصناعة السيارات الكهربائية وتقنيات الطاقة المتجددة.
وبذلك، يُعتبر هذا الاكتشاف خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة المغرب في السوق العالمية للمعادن، التي أصبحت تشهد منافسة شديدة في ظل تسارع التحولات البيئية والتكنولوجية على مستوى العالم.