التعليق على توصيات المجلس العلمي الأعلى بشأن تعديل مدونة الأسرة

 

بعد خطاب صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي يهم تعديل مدونة الأسرة، حيث دعا من خلاله الحكومة لإعادة النظر في هذا القانون ومواكبة المتغيرات التي شهدها المجتمع وذلك بمشاركة مختلف الفاعلين من أحزاب ومنظمات حقوقية في هذا المجال، وبعد التداول في هذا الخصوص، توصلت الحكومة لمجموعة من المقترحات التي قامت بإحالتها على أنظار جلالة الملك، و الذي بدوره قدمها للمجلس العلمي الذي قدم في شأنها مجموعة من التوصيات من أبرزها:

تخويل الأم الحاضنة النيابة القانونية عن اطفالها
اعتبار العمل المنزلي للزوجة مساهمة في تنمية الأموال المشتركة
وجوب النفقة على الزوجة بمجرد العقد
حماية بيت الزوجية من الدخول في التركة
بقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها
توثيق الخطبة
سؤال الزوجة في إشتراط عدم التعدد عليها من طرف العدلين أم لا
تمكين الهالك من أن يهب للبناته القدر الذي يرغب فيه من تركته حتى ولو كانوا قصرين
وهذه التعديلات عرفت جدلا واسعا، بحيث أصبح موضوع الساعة ومجال خصب للمناقشة بين المتخصصين والعموم، وقبل أن نتطرق لهذه المقترحات سنحاول تحديد مفهوم قانون الأسرة:
إن قانون الأسرة هو النظام القانوني الذي ينظم العلاقة الزوجية من بدايتها ، بالخطبة مرورا بالأثار المترتبة عن الزواج من النسب أو لحوق النسب وإثباته، وكذا الطلاق والتطليق وأيضا الحضانة ثم الوصية والإرث .
وكمحاولة منا التعليق على توصيات المجلس سنتناول كل مقترح على حدى وذلك على الشكل التالي:
إن ما يلاحظ على هذه التعديلات التي وافق عليها المجلس والتى سنتناول كل مقترح على حدى :
– تخويل الأم الحاضنة النيابة القانونية عن أطفالها: أي أن الأم لها الحق في أن تنوب عن ولدها في جميع المسائل القانونية كاستخراج الوثائقالادارية دون الحاجة لحضور الأب وهذا ما سيسهل القيام بالأعمال التي تجلب النفع على المحضون كنقله من مدرسة بعيدة عنه إلى أخرى قريبة، ولكن مما يعاب عن هذا الاقتراح ، أن الأم قد تقوم بتهجير المحضون دون علم أبيه ،وهذا ما سيسبب ضررا له، وما لم يراعا في هذا المقترح أن إزالة نيابة عن الأب في المقام الأول هو بمثابة اعتبار الزوج وسيلة أداء فقط، ونقول هنا لو كان المجلس أخذ بعين الاعتبار هذه النقط لوجدناه يسلك ما سلكه المشرع التونسي،
– اعتبار العمل المنزلي للزوجة مساهمة في تنمية الأموال المشتركة:
من خلال هذا المقترح نجد أن المشرع يأخذ العمل المنزلي في بيت الزوجية أنوع من المساهمة في تنمية أموال الزوج والتي بموجبه يتم تحديد النسبة إذا وقع انفصال الزوجين سيحدد بموجب القانون وستستحقه من بين
النفقات.
– وجوب النفقة على الزوجة بمجرد العقد: أي أن الزوج ملزم بالنفقة على زوجته من تاريخ ابرام العقد حتى وإن كانت في بيت أبيها، ومتعارف فقها أن النفقة تكون بالبناء أو الدعوة إليه، و طبقا للعرف وما جرت به العادة ، باعتباره مصدر من مصادر التشريع .
– حماية بيت الزوجية من الدخول في التركة: مما يفهم من هذا النص أن بيت الزوجية يتم استبعاده من التركة، أي ترثه الزوجة والأبناء، وهو منافي للٱيات القرآنية الكريمة القطعية الدلالة فهي ( فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما) الآية 11 من سورة النساء ، فالله عز وجل جعل مسألة الإرث فريضة والفرائض لا تناقش من قبل المسلمين وما عليهم سوى السماع والطاعة.
– بقاء حضانة المطلقة على أولادها بالرغم من زواجها: إن هذا الاقتراح لا يراعي مصلحة الفضلى للحضون، بل هدفه حماية الأم فقط ،وهو شرط يجب تحكيمه دائما وأبدا لمصلحة المحضون، خصوصا أن في الحالات عديدة يكون الزوج الحاضن سبب فى مٱسي المحضون ،والمعمول به لبقاء الحضانة أن يكون الزوج الجديد من ذي محرم .
– توثيق الخطبة: ويهدف هذا المقترح إلى توثيق الخطبة كوعد بالزواج ،وهو التعريف القانوني المتعارف عليه في قانون الالتزامات والعقود ومدونة الأسرة الحالية ، يُبتغي من وراءه توسيع حالات الزواج ووسائل الاثبات مع شرط التوثيق لاحقا. ونرى أنا هذه التغرة ستستغل أيما استغلال إن لم يضع لها المشرع مقاصات تغلق النوافد وتسد الخلل.
– سؤال الزوجة إن كانت ترغب في أن يتعدد زوجها أم لا وإن رفضت فلا يمكن للزوج أن يتزوج الثانية ناهك عن الزوجة الثالثة والرابعة ، وإن لم ترفض يظل التعدد واقفا علا شروط خاصة هي عقم الزوجة أو إصابتها بمرض يمنعها من المعاشرة الزوجية، هذا المقترح يحد من مسطرة التعدد التي أصبحت في الأصل نادرة جدا خصوصا مع الواقع الاقتصادي المعيش
– تمكين الهالك من أن يهب للبناته القدر الذي يرغب فيه من تركته حتى ولو كانوا قصرين، والمعلوم أن الهبة تصح بالحيازة وإن غابة الحيازة غابت معها الهبة، إلا إن كان المشرع يفكر في تغير قواعد الهبة وهذا أمر غير مقبول ولا يصح، و الملاحظ هنا أن المقترح مخالف لأحكام الدين الإسلامي الذي يتبعه جل المغاربة، فهذا المقترح هدفه عدم دخول العصبة أو الورثة الأخرون في الإرث في حالة وجود البنات فقط للهالك.
وأخر ما أختم به هذا التعليق قول الدكتور محمد نعناني: ” بعض مقترحات تعديل مدونة الأسرة عبث صريح ومحاولة إجاد حلول عوجاء عرجاء ستضر بالأسرة لا محالة ”

محمد الادريسي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.