تشديد المراقبة في الشمال يخفض محاولات الهجرة السرية عبر “الجيت سكي”
مازال فصل الصيف يجذب الشباب المغاربة والأفارقة جنوب الصحراء الذين يسعون لعبور البحر بشكل غير نظامي من شواطئ الشمال للوصول إلى ثغر سبتة المحتل أو إلى الضفة الأخرى من المتوسط. هذا الوضع يدفع شبكات الاتجار بالبشر إلى استغلال كافة الوسائل الممكنة لتحقيق مكاسب من هؤلاء الذين يغريهم “الحريك”، وفي مقدمتها الدراجات المائية “الجيت سكي”.
ورغم أن تهريب المهاجرين باستخدام “الجيت سكي” لا يزال “مستمراً”، إذ ذكرت وكالة الأنباء الإسبانية “اوروبا بريس” أن أربع دراجات مائية نجحت في إيصال أكبر عدد من المهاجرين غير النظاميين قبالة ساحل سبتة المحتلة، إلا أن الناشطين الحقوقيين المتابعين للملف يؤكدون أن وتيرة التهريب باستخدام هذه “الوسيلة” قد انخفضت هذا العام مقارنة بالعام الماضي، نتيجة تشديد القوات البحرية المغربية والإسبانية للإجراءات الأمنية.
الناشطون الذين تحدثوا لـ “أسرار تاونات” أوضحوا أن استمرار تهريب المهاجرين عبر “الجيت سكي” يعزى إلى لجوء “شبكات الاتجار بالبشر” إلى أساليب تفادي المراقبة الأمنية، مثل انطلاق الدراجات المائية بشكل جماعي. إضافة إلى أن هذه الوسيلة السريعة تظل أكثر أمانًا للمهاجرين غير النظاميين مقارنة بالقوارب المتهالكة والمكتظة.
تناقصت ولكن…
شكيب الخياري، ناشط حقوقي مختص في قضايا الهجرة، أشار إلى أن “استخدام الجيت سكي من قبل شبكات الاتجار بالبشر لتهريب المهاجرين قد انخفض هذا الصيف، نتيجة تشديد القوات البحرية المغربية والإسبانية للإجراءات الأمنية التي تشمل استخدام فرقاطات وقوارب مطاطية سريعة لتنفيذ دوريات مستمرة قرب الشواطئ، بهدف مراقبة التحركات والتأكد من هويات الأشخاص في تلك المناطق”. وأكد أن “استخدام هذه الوسيلة في التهريب بلغ ذروته خلال فصول الصيف بين عامي 2018 و2023”.
وأضاف الخياري في تصريحه لـ “أسرار تاونات”، أنه “رغم ذلك، لا يزال الانطلاق من شواطئ الفنيدق باتجاه سبتة المحتلة أو الجنوب الإسباني عبر الزلاجات المائية يحظى بشعبية، نظراً لصعوبة رصدها من قبل خفر السواحل الإسباني أو المغربي أو حتى إيقافها بعد الرصد، خاصة عندما تقوم مجموعة منها بنقل المهاجرين في وقت واحد”. وأشار إلى أن “المهاجرين غير النظاميين يفضلون هذه الوسيلة أيضاً لقدرتها على المناورة والوصول بسرعة إلى السواحل الإسبانية”.
وأكد الناشط الحقوقي المتابع لهذه الظاهرة أن “الجيت سكي تظل أكثر أمانًا بالمقارنة مع الزوارق والسفن التقليدية التي يستخدمها بعض المهربين، وغالبًا ما تكون قديمة وتشكل خطرًا كبيرًا على حياة المهاجرين”. وأوضح أن “فصل الصيف يشهد ذروة الإقبال من قبل المصطافين على استئجار الجيت سكي بغرض الترفيه، مما يسهل على المهربين الخروج من الشواطئ بأمان والإفلات من خفر السواحل الإسباني والمغربي”.
شراء الأمان
محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، أشار في البداية إلى أنه “رغم أن السباحة من شواطئ الفنيدق أو بليونيش إلى سبتة المحتلة أصبحت الوسيلة الأكثر اتباعاً من قبل المهاجرين غير النظاميين هذا الصيف، إلا أن قطاعًا مهمًا منهم يفضل شراء الأمان عبر الهجرة باستخدام الجيت سكي”. وأضاف أن “فرص الوصول بأمان إلى الثغر المحتل أو الجنوب الإسباني عبر هذه الوسيلة تظل أعلى أيضًا بالمقارنة مع القوارب التي تكون متهالكة ومكتظة بالمهاجرين، مما يجعلها عرضة للغرق في أي لحظة”.
وأضاف بنعيسى في تصريحه لـ “أسرار تاونات”، أن “شبكات الاتجار بالبشر تتقاضى مبالغ مرتفعة لا تقل عن خمسة آلاف يورو عن كل عملية تهريب بالجيت سكي باتجاه سبتة المحتلة، فيما تطلب 10 آلاف يورو فما فوق عن كل عملية تهريب باتجاه الجنوب الإسباني”. وأكد أن “المبالغ الباهظة لم تمنع الشباب المهووس بالهجرة من الإقبال على هذه الوسيلة التي ما زالت تثبت نجاحها رغم تشديد الإجراءات الأمنية من قبل قوات خفر السواحل المغربية ونظيرتها الإسبانية”.
وأوضح رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان أن “فصل الصيف يجعل التمييز بين من يستخدم هذه الزلاجات المائية بغرض الترفيه ومن يستخدمها بغرض تهريب المهاجرين أمرًا صعبًا على السلطات الأمنية، بينما تستغل شبكات الاتجار بالبشر الضباب الكثيف خلال شهر غشت تحديدًا للتخفي عن تكنولوجيات المراقبة المتطورة مثل الرادارات والطائرات بدون طيار”.