القمامة الثقافية لم ولن تعرف طريقها إلى الجمهور التاوناتي.
مدينة مقدمات جبال الريف بطابعها القروي ظلت طيلة سنوات السابعينيات والثمانينيات، ورغم قلة الجمعيات الثقافية التي كانت في جديتها تتفوق كل جمعية منها على عشر أمثالها في عصر تاونات الراهن في عطائها وانخراطها في الفعل الثقافي، وكان الجمهور التاوناتي مقبلا على أوراشها الثقافية وملتقياتها وندواتها التي لا تنضب من تلاميذ وأساتذة وشرائح اجتماعية مختلفة، وكانت من جمعياتها النشطة في تلك الفترة جمعية أوراش للشباب المتطوع وجمعية الأمل والنادي السنمائي وجمعية الكشاف المغربي والشبيبة الاستقلالية ونادي الشطرنج ونادي المسرح وغيرهم كثير… هذه الجمعيات التي كانت تقدس الفعل الثقافي وتدافع عنه بكل تفان وفق زاوية رؤيتها وإيديولجياتها التي تقدم من خلالها طرحها التثقفي للمجتمع ولجمهورها الذي ينهل من الفعل الثقافي بالأخذ والعطاء بالقبول والرفض المهم هو الانخراط الغير المشروط في الحياة الثقافية. جاءت ظروف خاصة أهملت الفعل الثقافي وحاصرته بعدم المساهمة المادية، وعدم فتح فضاءات الاستقبال؛ لتتوارى هذه الجمعيات عن المشهد الثقافي تاركة الميدان لجمعيات متطفلة على الفعل الثقافي حاولت جاهدة أن تمرر القمامة الثقافية إلى جمهور متمرس بفن الثقافة العالمة فانفض عنها الجمهور التاوناتي، ولم يستقبل نفاياتها الثقافية وتسطيح الفعل الثقافي والهروب به إلى هامش اهتمام الانسان التاوناتي بأشكال من الفرجة؛ اللهو والتفاهة المملة، فكان أن أصبحت هذه الموجة من القمامة الثقافية ترقص وتغني بلا جمهور رغم التطبيل والتهليل فالجمهور التاوناتي يرفض بالبت والمطلق الانخراط في مثل هكذا قمامة ثقافية والممولة من جيوبهم، فإلى متى سيظل الفعل الثقافي في تاونات يرزح تحت رحمة القمامة الثقافية التي لن تعبر عن تطلعات ساكنة فتية والذي أظهر إحصاء سكان الأخير أنها لم تعد تطيق وضعها الهش فبدأت بالتناقص بالهجران كتعبير حسي عن رفضها لكل تطبيع مع موجة التهميش المزكاة بثقافة قمامية عديمة التأثير والتي لا مردودية لها فهل سيلتفت المسؤولون لهذا النزيف ويفتحوا فضاءات استقبال الفعل الثقافي ورش التنمية البشرية الحاسم، ويمولوا على قدم وساق المساواة بين كل الجمعيات العائدة إلى الساحة الثقافية لتنظف ما استطاعت إلى ذلك سبيلا الحقل الثقافي من القمامة الثقافية التي ليس مكانها قلوب جمهور تاوناتي متعطش للفعل الثقافي الجاد!